أوجه إخفاق الربيع العربي
عزا صحفي غربي بارز ما يرى أنه إخفاق الاحتجاجات في كل من سوريا والبحرين واليمن حتى الآن في تحقيق أهدافها إلى أسباب شديدة التباين مع وجود نقاط التقاء هامة بينها.
ويرى مراسل الشؤون الخارجية لصحيفة إندبندنت البريطانية باتريك كوكبيرن أن المتظاهرين في كل بلد من تلك البلدان أصابهم الإحباط، ذلك أن جانبا كبيرا من الشعب سيخسر الكثير إذا شملت الإصلاحات النخبة الحاكمة أو أُطيح بها.
وقد يصر المحتجون في البحرين على أن برنامجهم علماني الطابع وديمقراطي، لكن الكل يدرك أن إجراء انتخابات نزيهة سيتمخض عن تغيير جذري يرفع الأغلبية الشيعية إلى سدة الحكم بدلا من الأقلية السنية.
وبالمثل فإن الديمقراطية في سوريا تعني أن السنة الذين يشكلون ثلاثة أرباع سكان البلاد سيحلون محل الأقلية العلوية في حكم البلاد.
على أن ذلك لا يعني أن للمتظاهرين في كلا البلدين "أجندة طائفية سرية"، فالأمر لا يعدو أن يكون ببساطة انقسامات سياسية انسجمت بالفعل مع التوجهات الطائفية.
مصالح شخصية
وعلى خلاف ثورتي تونس ومصر، فإن التجانس الطائفي للنخبة الحاكمة في سوريا والبحرين جعل من المتعذر على كبار المسؤولين الحكوميين التخلي عن نظام "غير شعبي" حرصا على سلطتهم ومصالحهم الذاتية.
ففي سوريا ذهب العلويون إلى الاعتقاد بأنه إذا فقد الرئيس بشار الأسد السلطة فإنهم سيخسرون نفوذهم كذلك.
أحد مظاهر الاحتجاج في البحرين (الجزيرة)
ووجد الكاتب في الخلاف بين السنة والشيعة شبيها له في الانقسام الذي حدث بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، مشيرا إلى أن الصراع بين الطائفتين المسلمتين ظل مضطرما منذ نجاح الثورة الإيرانية عام 1979.
يقول كوكبيرن "قد تكون حكومة الأسد معزولة، لكنها ليست بتلك الدرجة التي كان عليها معمر القذافي قبل انهيار نظامه"، مضيفا أن إيران ستبذل كل ما في وسعها لضمان بقاء "أهم حلفائها في العالم العربي" في السلطة.
وبنفس القدر، فإن أعداء إيران الكثيرين عازمون على إضعاف الحكومة في طهران بتغيير النظام في دمشق بعد أن بدوا غير قادرين على إسقاطها.
وينسب الكاتب في مقاله إلى وزير في إحدى دول الخليج –لم يحدد هويته- القول إن 2012 سيكون من أكثر الأعوام التي تتسم بعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط على الإطلاق.
ويتنبأ الوزير بارتفاع وتيرة العنف في كل البلدان العربية دون أن يكون هنالك رابح.
وتتجه سوريا والبحرين نحو حرب أهلية، وستظل البحرين منقسمة على نفسها بينما ستلقي الاضطرابات هناك بآثارها على الدول الأخرى في المنطقة.
ويصل كوكبيرن إلى نتيجة مفادها أن السبب الذي حدا بالحكومة "الشيعية" في العراق إلى تصويب سهامها تجاه زعماء السنة في البلاد في الآونة الأخيرة يعود إلى الخوف الذي ينتاب بغداد من أنها قد تكون قريبا إزاء نظام سني معادٍ لها على سدة الحكم في دمشق، ولذلك فإن النخبة السياسية السنية ترغب في إحكام قبضتها على السلطة الآن.
ثمة خطر من أن تلجأ المعارضة "المحبطة" في سوريا وبدرجة أقل في البحرين تدريجيا إلى انتهاج العنف. ويقول قادة المعارضة إنه لن يكون من قبيل المفاجأة أن يتبنى بعض المسلحين العنف وسيلة ضد النظام الملك في البحرين.
أما في سوريا فيبدو من الواضح أن المعارضة لا تملك إستراتيجية فعالة للتخلص من بشار الأسد وحكومة حزب البعث.
نتمني لكم الاستمتاع معنا دائما