في اطار تداعيات كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان منذ أيام و ما نجم عنه من موجات مد عاتية(تسونامي),تصاعدت أمس المخاوف اليابانية من تفاقم الازمة النووية في البلاد .
وذلك بعد أن أعلنت السلطات عن تصاعد اعمدة دخان وبخار مجددا من محطة فوكوشيما النووية المتضررة من الزلزال,بالاضافة إلي الكشف عن مستويات من الاشعاعات تفوق الطبيعية في مياه البحر.
وذكرت وكالة أنباء كيودو اليابانية ان بخارا ودخانا تصاعدا أمس من مفاعلين هما الاكثر تضررا في المحطة, وسط مخاوف من حدوث تسرب اشعاعي يزيد من مستويات الاشعاع في المنطقة. واضافت الوكالة ان البخار تصاعد من المفاعل رقم2 اثر غليان في مستودع للوقود المستنفد, كما رصدت غيوما بيضاء فوق المفاعل رقم3. وفي وقت لاحق قالت شركة طوكيو الكتريك باور( تيبكو) التي تتولي تشغيل المحطة النووية ان الدخان في مفاعل رقم3 تحول إلي بخار وان استمرار العمل آمن لاستعادة السيطرة علي المحطة.
جاء ذلك علي الرغم من الجهود المتواصلة لاحتواء الازمة في مجمع فوكوشيما النووي, حيث أعلنت شركة تبيكو امس عن استئناف العمل بالمحطة عقب يوم من اخلائها بسبب تصاعد الدخان من احد المفاعلات,كما احرز المهندسون و العمال تقدما كبيرا تمثل في اعادة كابلات الكهرباء للمفاعلات الستة بمحطة فوكوشيما وبدأوا تشغيل مضخة للمياه في أحدها لخفض درجة الحرارة شديدة الارتفاع في قضبان الوقود النووي. ورغم القلق المثار حول مستويات الاشعاع قالت اليابان انه لا حاجة لتوسيع منطقة الحظر حول المحطة وهي منطقة نصف قطرها20 كيلومترا.وتم اجلاء أكثر من170 ألفا من المنطقة منذ وقوع زلزال بقوة9 درجات وأمواج مد بلغ ارتفاعها عشرة امتار.
وفي الوقت نفسه,تنامت حدة القلق بين اليابانيين وأيضا في الدول المجاورة لليابان بعد الكشف عن رصد مستويات اشعاعية تفوق المعدل الطبيعي في مياه المحيط الهادي القريبة من المحطة النووية المتضررة.وقالت شركة تيبكو إنه عثر علي آثار محدودة للاشعاع في مياه المحيط, إلا أنها اكدت أن مستوي الاشعاع لا يمثل اي خطر فوري وان ذلك ليس مستغربا نتيجة سقوط الامطار واستخدام مياه البحر في تبريد المفاعلات.
ونقلت وكالة انباء كيودو عن مسئول بالشركة قوله ان اليود المشع في عينات مياه البحر اظهرت ان مستوياته ارتفعت7,126 مرة عن المستوي الطبيعي وان مستويات السيزيوم زادت24.8 مرة عن المعدل المسموح به.
ومن جانبه,اكد يوكيو ايدانو المتحدث باسم الحكومة اليابانية في تصريحات صحفيه أن المستويات الاشعاعية التي تم رصدها في مياه البحر لاتزال مستويات آمنة قائلاحتي ولو شربتم منها لمدة عام.
وفي نفس السياق, أعلن مسئولون باللجنة التنظيمية النووية الأمريكية أنه يبدو أن الظروف في محطة فوكوشيما النووية اليابانية تحسنت. وقال بيل بورشارد رئيس عمليات اللجنة خلال اجتماع أمس في واشنطن إن توفر الطاقة الكهربية من خارج الموقع لاستخدامها في معدات المحطة النووية هي أول إشارة متفائلة علي أن الأمور ربما تعود إلي الاستقرار.
وفي المقابل,أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة أمس- أن الوضع في اليابان لايزال خطيرا,الا انه اعرب عن ثقته في ان اليابان ستتغلب علي نحو فعال علي الأزمة.ودعا امانو الي ضرورة احداث تغييرات في دود الفعل العالمية تجاه الكوارث,قائلا إن الأزمة اليابانية اظهرت ضعفا كبيرا في الطريقة التي يتعامل معها العالم مع مثل هذه الكوارث.
ومن ناحية أخري,أعلن وزير الدفاع الياباني توشيمي كيتازاوا ان بلاده تبحث حاليا عرض المساعدة الذي قدمه الجيش الأمريكي لمواجهة الأضرار التي لحقت بمحطة الطاقة النووية فوكوشيما دايشي, مشيرا إلي أن اتمام التنسيق مع الجانب الأمريكي بشأن هذا العرض سيتم في غضون يوم أو يومين.
جاء ذلك خلال تصريحات ادلي بها كيتازاوا للصحفيين بشأن العرض الذي قدمه الجيش الأمريكي المتمركز في المحيط الهادئ لإرسال مجموعة من الخبراء المتخصصين في الحوادث النووية إلي اليابان.
وأوضحت هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية أن العرض قدم أمس الاول خلال اجتماع بين قائد القيادة العسكرية الأمريكية في المحيط الهادئ, الأميرال روبرت ويلارد ورئيس هيئة أركان الجيش الياباني الجنرال ريويتشي أوريكي. نقلت الهيئة عن كيتازاوا قوله إن رئيس الوزراء ناوتو كان يريد تنسيق العرض سريعا لمعرفة نوع المساعدة التي يمكن أن يقدمها الجيش الأمريكي وسيحاول إنجاز الأمر في غضون يوم أو يومين.
وعلي الصعيد الإنساني, تواصلت معاناة ملايين اليابانيين في ظل انخفاض درجات الحرارة إلي أقل من صفر مئوية وسقوط امطار ثلجية فضلا عن نقص الوقود والكهرباء,وغيرها من المعوقات التي عرقلت اعمال الاغاثة و توصيل المساعدات الي مخيمات اللاجئين.
وأعلنت الشرطة اليابانية ان الرقم الرسمي للقتلي من جراء الزلزال المدمر وموجات المد العاتية( التسونامي) التي ضربت البلاد تجاوزت9 آلاف قتيل.واوضحت الشرطة ان حصيلة القتلي بلغت حتي امس9079 قتيلا, مشيرة الي ان نحو310 آلاف شخص مازالوا يعيشون في مراكز الايواء و12645 شخصا اعتبروا في عداد المفقودين.
ودفعت كارثتي الزلزال و تسونامي و ما نجم عنهما من نقص في الوقود الي تخلي بعض اليابانيين عن بعض تقاليدهم الموروثة فيما يتعلق بدفن الموتي,وذلك بعد ان أضر نقص الوقود بجهود التخلص من الجثث عن طريق الحرق, بعد توقف عمل المحارق واضطر عدد من المواطنيين الي دفن ذويهم تحت الارض.وذكرت الحكومة في مدينة هيجاشيماتسوشيما بمقاطعة مياجي إنها اشترت أرضا لدفن ألف شخص, مؤكدة ان عمليات الدفن هي حل مؤقت, و انه سيجري اخراج الجثث ثانية خلال عامين.
وفي الاطار ذاته,انقطع التيار الكهربائي امس مجددا عن عشرة ملايين منزل في اليابان,وذلك في اطار مساعي الحكومة لتوفير الطاقة الكهربائية التي تناقصت بعد تضرر المفاعلات النووية المولدة لها من الزلزال. وذكرت شركة طوكيو الكتريك باور ان انقطاع التيار الكهربائي سيستمر لمدة ثلاث ساعات و40 دقيقة في كل منطقة.
وتوقعت الشركة أن يتجاوز الطلب علي الكهرباء الطاقة القصوي للتيار الكهربائي حيث بدأ أسبوع العمل في أعقاب عطلة رسمية أمس الأول.
وحول وضع الاقتصاد الياباني وجهود اعادة الاعمار,أعلن وزير السياسة الوطنية الياباني كويشيرو جيمبا امس إن حكومة بلاده قد تضطر إلي وضع3 ميزانيات تكميلية مختلفة للعام المالي2011 لتمويل مشروعات إعادة البناء في اعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.
ونقلت وكالة أنباء كيودو اليابانية عن جيمبا قوله في مؤتمر صحفي اعقب اجتماعا للحكومة ان الاضرار منتشرة علي نطاق واسع,ولذلك فإن وضع ميزانيتين تكميليتين قد لا يكون كافيا لتمويل مشروعات إعادة البناء,علي حد قوله.
جاءت هذه التصريحات في أعقاب مطالبة نواب من الحزب الديمقراطي الحاكم بانفاق عشرات التريليونات من الين لتمويل مشروعات إعادة البناء.
ومن جانبه,دعا وزير المالية يوشيهيكو نودا إلي ضرورة أن تناقش الأحزاب الحاكمة والمعارضة بمرونة الميزانيات الجديدة, مشيرا إلي أهمية الاستعانة بخبرات أحزاب المعارضة في وضع الميزانيات الجديدة. وفي غضون ذلك,حذر وزير الاقتصاد الياباني كاورو يوسانو من إن نقص الكهرباء الناجم عن الزلزال المدمر وأمواج المد البحري العاتية التي ضربت اليابان, سيؤثر علي الأرجح تأثيرا خطيرا علي الاقتصاد.
من باريس كتب حازم فودة:
اعلن المعهد الفرنسي للحماية الاشعاعية ان سحابة تحمل رذاذا مشعا قادما من مفاعل فوكوشيما الياباني ستمر اليوم أو غدا فوق سماء فرنسا الا انها دعت السكان الا ينتابهم الذعر لآن معدل الاشعاع ـ وفق الخبراء ـ لا يشكل خطرا علي الصحة.