قال السيناتور جون كيرى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى، إن الولايات المتحدة كانت تدعم الرئيس السابق حسنى مبارك، لأنه «كان متعاونا جدا بالنسبة لنا، فى عدة قضايا منها قضية السلام، والعلاقات فى المنطقة العربية»، وأضاف: «لم يكن سهلا أن نخرج فجأة ونقول له: كفى.. إرحل، كان عليه أن يجد طريقة كريمة».
وأضاف السيناتور فى لقائه عدداً من طلبة الجامعات، أمس الأول فى ختام زيارته للقاهرة، ردا على انتقادات الطلاب للموقف الأمريكى المتردد خلال الثورة: «الولايات المتحدة، والعالم كله، دعم حكاماً ديكتاتوريين، كان علينا أن نتعامل معهم، وفى الصين مثلا، الولايات المتحدة تعاونت مع ماوتسى تونج، رغم رفضها لسياسته، لكنها فعلت ذلك لتقليل التوتر، وهذا التصرف هو الذى فتح الطريق أمام الصينيين للمشاركة»، وتابع: «نعم لم تصبح الصين حتى الآن دولة ديمقراطية، لكنها حققت تقدما اقتصاديا».
وقال كيرى إن الولايات المتحدة لديها مشكلة تتمثل فى النفط، مضيفاً: «نحن نبحث عن النفط ونحاول دائما الدفاع عن مبادئنا، لكن الولايات المتحدة أيضا عليها أن تحافظ على مصالحها، والسياسة الخارجية لكل دول العالم مبنية على المصالح، أحيانا علينا أن نتعامل مع دول لا نتفق معها».
وانتقد الشباب موقف واشنطن ودعمها لـ«الديكتاتوريات العربية» حتى خلال الثورة المصرية، ورد السيناتور قائلا: «الرئيس أوباما كان واضحا منذ البداية وأكد دعمه لتطلعات الشعب المصرى، وضرورة أن يستجيب النظام المصرى لهذه التطلعات».
وقال كيرى إن مصر لديها فرصة عظيمة بعد الثورة، لكنها تواجه تحديات عظيمة أيضا، أهمها التحدى الاقتصادى، مشيرا إلى أن «مرحلة البناء هى الأصعب، والولايات المتحدة منذ عام ١٧٧٦ وحتى الآن مازالت تواجه تحديات وتحاول حلها، وهذه التحديات هى معركة تستحق أن تستهلك حياتنا كلها».
وهنأ كيرى المصريين على الاستفتاء، وقال: «قراركم يضع خارطة طريق للمستقبل، وخلال لقاءاتى مع المشير طنطاوى، عرفت أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيعلن عن الخطوات التالية للدستور خلال الأيام المقبلة، وهذا سيعطى فرصة للمستثمرين للعودة إلى مصر».
ووصف كيرى مصر بأنها «منجم ذهب» فى مجال السياحة، وقال: «عليكم بالاستثمار، والولايات المتحدة لديها القدرة على مساعدتكم، وكذلك بالنسبة للعرب وأوروبا، وما نريده فى مصر هو بناء علاقة مع الشعب وليس الرئيس»، مشيرا إلى أن «زيادة سياسة الدعم ستؤدى إلى هروب المستثمرين، وإذا أرادت مصر التقدم عليها الاتجاه نحو سياسة السوق الحرة، وتقليل الدعم».
وأكد كيرى أن التعليم يشكل تحديا آخر يواجه مصر، وقال: «كل من قابلتهم فى القاهرة، سواء كانوا مسؤولين أو شبابا أو أشخاصا ينوون الترشح للرئاسة ويعتبرون التعليم قضية أساسية، خاصة مع وجود ٤٠% من الشعب يجهلون القراءة والكتابة».
وقابل الشباب عروض كيرى للمساعدة بالرفض، وقالوا للسيناتور الأمريكى فى بداية اللقاء: «نحن من بدأنا هذه الثورة، ونحن من يجب أن يبدأ العمل، ولا نريد أن نعتمد على أحد»، فرد كيرى: «أتفق معكم وهذه هى الروح التى جاءت بنا إلى هنا، نحن نريد أن نساعد الشعوب وليس الرئيس».
وحول مخاوف الولايات المتحدة من وصول إسلاميين للحكم، وما إذا كان كيرى يعتقد أن مصر ستتحول إلى النموذج الإيرانى أو النموذج التركى؟ قال كيرى: «هذا قراركم، أنتم من سيحدد ما سيحدث مع جماعة الإخوان المسلمين، ومن لقاءاتى هنا عرفت أن الكثير من الإخوان لديهم نفس التطلعات والآمال، والديمقراطية هى التنوع، وأعتقد أن أغلبية المصريين يرغبون فى الاستقرار، ويرفضون عدم التسامح».
وأضاف: «لا يوجد مجال لعدم التسامح، ومصر لديها فرصة للاختيار، ولا توجد مشكلة أن تكون جماعة الإخوان المسلمين جزءا من الحكومة المقبلة، لكن المهم ألا نسمح للدعاية بالانتشار، وألا نسمح بسرقة الحقيقة».
وحول كيفية مواجهة الانتخابات المقبلة، قال السيناتور: «الديمقراطية هى منافسة بين أفكار، والأقوى هو من يقول الحقيقة ويستطيع إقناع الناس بها، الكثير من الناس يعيشون فى خوف ولا يعرفون الحقيقة، والمعركة الحقيقية هى أن تستطيع تلبية احتياجات هؤلاء، وجعلهم يصوتون بالعقل لا بالقلب».
ولفت إلى أن «معظم المسلمين يدركون ما هو الإسلام الحقيقى، ويعرفون أنه دين سلام، وقليلون هم من يستخدمون الدين لتحقيق أهدافهم».